منوعات

ماذا فعل الملك فيصل بوزير الخارجية الأمريكية وكيف أحرجه على الملأ؟

كانت الرسالة العربية الموحدة إلى الولايات المتحدة مفادها، «إن حصولكم على النِفط سيكون مرهونا باحترام الإرادة العربية وعدم دعم مساعي ذلك الكيان الغاشم في الحصول على أرض ليست من حقه».. فماذا فعل الملك فيصل بوزير الخارجية الأمريكية.

«إذا أردت الحصول على أي شئ من زعيم عربي فاذهب إليه وامدحه بين قبيلته.. واطلب منه في آخر اليوم ما تريد»، كانت تلك نظرية الولايات المتحدة التي كشفها السياسي الأمريكي المخضرم هنري كيسنجر في التفاوض مع الدول العربية، تلك النظرية التي كشف بها نوايا الولايات الأمريكية حيال المنطقة العربية، لكن زعيما عربيا لم تكن تفلح مع تلك النظرية.

كان كيسنجر مهندس السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية للعديد من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وشغل منصب وزير خارجية الولايات المتحدة ومستشار الأمن القومي الأمريكي خلال فترات ولاية العديد من الرؤساء.

لم يكن كيسنجر في مباحثاته مع العرب مفاوضا سهلا.. وطالما دفعت به الإدارات الأمريكية؛ لاحتواء العديد من المشكلات بينها وبين الدول العربية وكان النفط على رأس أولويات الوزير الأمريكي.

في أكتوبر من العام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين كانت الدول العربية مجتمعة على كلمة سواء لاسترداد الأراضي العربية السليبة وكسر شوكة الكيان السالب للأرض والتاريخ.

قادت المملكة العربية السعودية تحت قيادة الملك فيصل موقفا عربياً موحداً لدعم مصر في مواجهتها التاريخية لاسترداد سيناء، وفاجأت المملكة العربية السعودية واشنطن بما لم يكن في حسبانها.

في شهر أكتوبر من عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين بث أثير إذاعة الرياض قرارا رسميا مفاده: «إن المملكة العربية السعودية قررت خفض إنتاجها من النفط إلى عشرة في المائة وليس إلى خمسة في المائة كما فعلت الدول المنتجة للبترول».

كان على الولايات المتحدة أن تحسم موقفها أمام الداخل الأمريكي.. فالشعارات المناهضة للإدارة الأمريكية ظهرت واضحة أمام محطات الوقود في الولايات المتحدة.. وعلمت واشنطن أنها ما لم تحسم موقفها مع العرب ستكون في أزمة صعبة للغاية.

تولى وزير الخارجية الأمريكي المهمة وكان عليه أن يُجري جولة عربية ويعود إلى البيت الأبيض بنتيجة مُرْضيَة، حيث أيقنت واشنطن أن الدول العربية كافة تدعم موقف مصر في مواجهتها للكيان السالب لأرضها وللأرض العربية.

اجتمع كيسنجر بالملك فيصل وكان المفاوض الأمريكي يعلم يقينا أن السعودية صاحبة الكلمة العليا في غلق صنبور النفط عن الولايات المتحدة وحلفائها، في سياق توجه الرياض لدعم القضية العربية.

جلس كيسنجر أمام الملك فيصل وكان العاهل السعودي حينها غاضبًا وعلامات الغضب ترتستم على وجهه وقد حوَّل نظره عن ضيفه غير المرغوب فيه. صمت الحاضرون قليلاً وبصوت هادئ حاول كسنجر تلطيف الأجواء فاقترب من الملك السعودي مداعبا إياه لعل أعصاب الرجل تهدأ قليلا ومن بعده أعصاب رجال الإدارة الأمريكية الذين خشوا مواجهة أشد وطأة أمام الشعب الأمريكي.

«يا صاحب الجلالة إنَّ طائرتي تقف هامدة في المطار، بسبب نفاد الوقود. فهل تأمرون جلالتكم بتموينها، وأنا مستعد للدفع بالأسعار الحرة؟».. بتلك المزحة حاول كيسنجر أن يهدئ الأجواء لكن مزحته لم تترك نتيجة طيبة.

ظل الملك فيصل ثابتا على موقف ورد بكلمات واضحة على وزير الخارجية الأمريكي قائلا: وأنا رجل طاعن في السن، وأمنيتي أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى قبل الرحيل عن الدنيا، فهل تساعدني على تحقيق هذه الأمنية؟.

لم يكن ذلك هو الرد الوحيد من الملك على الوزير الأمريكي بل قال له أيضا: لقد عشنا وعاش أجدادنا على التمر واللبن وسنعود لهما.. وهنا وصلت الرسالة واضحة إلى الولايات المتحدة وظلت العرب على موقفهم الثابت.

عاش الملك فيصل عروبيا مدافعا عن قضايا أمته وترك أثرا وثقه العرب بسجلات تاريخهم.. انتظارا لفجر جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى