للوهلة الأولى ستندهش من هذه القصة إذا كنت تستمع إلى فصول حكايتها للمرة الأولى، حيث تتحدث هذه القصة عن الأغوات الذين يخدمون في الحرمين.. من هم الرجال الخصاة الذي يحملون مفاتيح الحرم النبوى ويخدمون بالمسجد الحرام؟
قصتهم هى أحد القصص التى لابد أن تكون أحد سيناريوهات الأفلام، حيث بدأوا خدمتهم بعد حلم لأحد سلاطين المسلمين منذ 860 عاما ولم يتبقى منهم إلا 6 فقط، فباتوا على مشارف أن يصبحوا جزءًا من التاريخ بعد أن تخطّى عمر أصغرهم حاجز الـ 90 سنة، ما يجعل من الضروري العودة إلى قراءة السطر الأول قبل أن يكتب العمر سطرهم الأخير
كيف بدأ الرجال المخصيين خدمتهم في مسجد رسول الله؟
بداية ظهور الرجال المخصيين أو كما يطلق عليهم “الأغوات”، فى المسجد النبوى، كان عام 1161م، في عهد السلطان نور الدين زنكي وجاء تواجدهم في حراسة المسجد النبوى بعد رؤية ومنام للسلطان جاء فيه أنه هناك من يحاول سرقة قبل الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومع تكرار الرؤية سافر السلطان إلى المدينة وبالفعل اكتشف أن هناك اثنين من نصارى الأندلس، يحاولون الحفر أسفل المسجد من أجل سرقة جسد الرسول محمد، فصب الرصاص حول الحجرة النبوية حتى لا يتمكن أحد من الحفر والوصول إلى الجسد الطاهر، وأرسل 12 خصيًا من الأغوات لحراسة الحجرة النبوية.
وتضاعف عددهم بشكل كبير مع الزمن ليكونوا في خدمة المسجد النبوى، ولكن تغير الزمان والظروف تناقص عددهم وعدم الحاجة إلى خدماتهم ولم يتبقى منهم سوى 6 فقط.
والأغوات لفظ يطلق على الرجال المخصيين الذين كانوا يتواجدون في القصور لخدمة نساء السلاطين، ولم يخدموا في الحرمين إلا في عهد نور الدين زنكي.
لماذا هم مخصيون؟
تعددت الروايات حول سبب خصيهم، فيوجد رواية أن ذلك يرجع لقيام بعض الآباء بخصي أبنائهم من أجل نذرهم للخدمة في الحرمين الشريفين، ويوجد رواية ثانية أن ذلك يرجع نتيجة لعمليات عسكرية وتم خصيهم من أجل منع تكاثرهم من قبل القبائل الأخرى.
حصلوا على مكانتهم من قبل ملوك السعودية
حصل المخصيون على مكانة اجتماعية كبيرة، وكان الزوار والمعتمرين يقبلون أيديهم لشرف خدمتهم للحرمين، وفي العهد السعودي حصلوا أيضا على مكانتهم من قبل ملوك السعودية وصدر لهم مراسيم مليكة تحدد عملهم.
آخر أغا دخل السعودية
ودخل آخر أغا للخدمة في الحرمين الشريفين قبل 45 عاما، حيث تم إيقاف استقدام الأغوات بعد أن تدخل الشيخ بن باز مفتى السعودية فى ذلك الوقت معتبرا أن وجودهم بدعة ولا صلة له في الإسلام.
40 مهمة للأغوات
كان للأغوات 40 مهمة خلال خدمتهم للحرمين، ومن أبرزها فتح الحجرة النبوية والمنبر. كذلك التنظيم والتنظيف، ومع الدولة السعودية أضيف لأدوارهم استقبال الملك والوفد المرافق له وتقديم ماء زمزم، ولكن مع كبرهم في السن وعدم قدرتهم أداء واجباتهم لم يبقى لهم أى عمل، لاسيما وأن أصغرهم يبلغ عمره 90 عاما.
أصول الأغوات
اختلفت أصول الأغوات فبعضهم كان من الحبشة والسودان والروم وبخارى وأتراك، فلم يكن هناك اقتصار على لون أو عرق، ولكن لم يتبقى منهم الآن إلا الأحباش فقط، وبقي منهم الآن في الحرمين 6 أغوات فقط.
ملابس الأغوات فى الحرمين
ملابس الأغوات فى الحرمين مميزة، فيتميزون باللون الأبيض بالإضافة إلى السديري والعمة، ويمكن تميزهم بالشال المربوط في أوساطهم، على أن يحدد لون الشال رتبتهم، داخل مجتمعهم، ولكن الشال الأخضر يكون حصرًا على شيخ الأغوات.
دكة الأغوات
وكان الأغا يجلس على دكة مرتفعة عن الأرض بمقدار نصف متر، أمام الحجرة النبوية ولا تزال موجودة حتى الآن.