
أثارت ظاهرة ارتداء العديد من لاعبي برشلونة لضمادات المعصم خلال المباريات تساؤلات جماهير الفريق، خاصة مع انتشارها بين نجوم مثل لامين يامال، روبرت ليفاندوفسكي، رافينيا، فرينكي دي يونغ، غافي، وبابلو توري.
وفقاً لتقارير “ريليفو”، بدأ المهاجم الشاب باو فيكتور هذه العادة خلال الصيف كوسيلة تحفيزية شخصية، وتبعه لاعبون آخرون.
لكن هذا التفسير لم يقنع الجميع، خاصة مع انضمام لاعبين مخضرمين مثل ليفاندوفسكي إلى هذا الاتجاه.
تصريحات الطبيب السابق لـريال مدريد، نيكو ميهيتش، أضافت مزيداً من الجدل، حيث ألمح إلى وجود دوافع مشبوهة وراء هذه الضمادات، مما أثار نقاشاً واسعاً حول أسبابها الحقيقية.
تصريحات نيكو ميهيتش: اتهامات ضمنية بالتلاعب
في مقابلة مع صحيفة “ماركا”، عبّر ميهيتش، الذي شغل منصب رئيس الخدمات الطبية في ريال مدريد بين 2017 و2023، عن شكوكه حول الضمادات، قائلاً: “لا أعتقد أنها مجرد موضة.
أي طبيب يعلم أن الوصول الأسهل إلى الأوردة يكون عبر اليدين والمعصمين.”
وأضاف بلهجة ساخرة: “قد يكونون يصممون ألعاباً استراتيجية، أو يلعبون كثيراً بكرة القدم الطاولة فأصيبوا بالتهاب الأوتار… مثلما قد يكونوا لم يرتشوا ناغيرا.”
هذه الإشارة إلى قضية ناغيرا، التي تتعلق باتهامات بدفع برشلونة مبالغ لرئيس لجنة الحكام السابق، أثارت غضباً بين جماهير الفريق.
ميهيتش تابع: “إنه ادعاء جريء، لكنني لا أفهم ما يفعلونه.
فليوضحوا ويظهروا ما يفعلونه.
ما السر؟ ليس بسبب لعب كرة القدم، أليس كذلك؟”
تصريحاته، التي نُشرت في 29 أبريل 2025، ألمحت بشكل غير مباشر إلى إمكانية استخدام الضمادات لإخفاء حقن مواد محظورة، دون تقديم أدلة ملموسة.
هذا التكهن أثار ردود فعل متباينة، حيث اعتبره البعض محاولة من دوائر ريال مدريد لتشويه صورة برشلونة، خاصة في ظل تألق الفريق هذا الموسم، حيث فاز بكأس ملك إسبانيا ويتصدر الدوري الإسباني ويتنافس في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
ردود فعل برشلونة: استخفاف وسخرية
لم يصدر عن نادي برشلونة تعليق رسمي على تصريحات ميهيتش، لكن لاعبين مثل باو فيكتور ولامين يامال ردوا بشكل غير مباشر عبر منصة X.
فيكتور، الذي يرتدي الضمادة على معصمه منذ أيامه في أكاديمية جيرونا، نشر ثلاثة رموز تعبيرية ضاحكة رداً على منشور “ماركا” الذي نقل تصريحات ميهيتش، في إشارة واضحة إلى استهجانه لهذه الاتهامات.
أما يامال، فنشَر صورة على إنستغرام بعد مباراة إنتر ميلان (التي انتهت بالتعادل 3-3)، يظهر فيها وهو يلعب بضمادة، مع تعليق يُفسر على أنه رد على ميهيتش، مؤكداً أداءه المذهل بغض النظر عن الضمادات.
ردود الفعل هذه تعكس موقف الفريق الذي يرى أن هذه الاتهامات “ملفقة” وتهدف إلى تشتيت تركيزه في مرحلة حاسمة من الموسم.
مصادر مقربة من النادي، وفقاً لـ“سبورت”، أكدت أن الضمادات تُستخدم لأغراض شخصية، مثل الراحة أو الخرافات، ولا علاقة لها بأي ممارسات غير مشروعة.
رؤية الأطباء: خرافة أم ضرورة طبية؟
في محاولة لتوضيح الجدل، قدم أطباء رياضيون تفسيرات بديلة لظاهرة الضمادات.
الدكتور أنطوني مورا، أخصائي الطب الرياضي، أوضح لـ“ريليفو” أن الضمادات غالباً ما تُستخدم لأسباب خرافية: “اللاعبون يطورون عادات، وإذا لعبوا جيداً مع الضمادة، يستمرون في استخدامها.”
وأضاف أنها قد تُستخدم لتثبيت الأساور أو منع الإصابات في حال السقوط.
ميسايل ريفاس، طبيب رياضي سابق في إسبانيول وألميريا، أكد لـ“ريليفو” أن السبب الأكثر شيوعاً هو إخفاء الأساور أو تثبيتها لتجنب الإصابات، واصفاً تصريحات ميهيتش بـ“غير المسؤولة وغير المهنية” تجاه زملائه في برشلونة.
كما رفض جوردي سيغورا، مدير مختبر مكافحة المنشطات في برشلونة سابقاً، فكرة استخدام الضمادات لإخفاء حقن، مشيراً إلى أن الحقن الوريدية محظورة منذ 2010 بقوانين الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (WADA
)، وأي محاولة لخرق هذه القوانين ستُكتشف عبر الفحوصات.
سياق الاتهامات: توقيت مثير للريبة
تأتي تصريحات ميهيتش في وقت حساس، حيث يعيش برشلونة تحت قيادة هانزي فليك نهضة رياضية ملحوظة، بعد موسم مخيب في 2023-2024.
فوز الفريق بكأس ملك إسبانيا، تصدره للدوري الإسباني، وتألقه في دوري الأبطال، خاصة بعد التعادل المثير أمام إنتر ميلان، جعل منافسيه، وخاصة ريال مدريد، في موقف دفاعي.
تقارير من “carpetasfcb” و”e-noticies” تشير إلى أن هذه الاتهامات جزء من حملة إعلامية مدعومة من دوائر ريال مدريد لتشويه صورة برشلونة، مستشهدة بتاريخ مماثل خلال عصر بيب غوارديولا، عندما واجه الفريق اتهامات مماثلة انتهت بدعوى قضائية.
ميهيتش، الذي أُقيل من ريال مدريد في نوفمبر 2023 بسبب سوء إدارة إصابات أردا غولر وجود بيلينغهام، يحتفظ بعلاقة وثيقة مع فلورنتينو بيريز، وفقاً لـ“ريليفو”، مما يعزز الشكوك حول دوافعه.
تصريحاته لم تقتصر على الضمادات، بل تضمنت إشارات ساخرة إلى قضية ناغيرا، مما يعكس نية استفزازية واضحة.
سوابق مشابهة: ضمادات ليست حصرية على برشلونة
الضمادات على المعصم ليست ظاهرة جديدة أو حصرية على برشلونة.
لاعبون مثل كريم بنزيما، الذي ارتدى ضمادة على يده لسنوات بسبب إصابة وخرافة شخصية، ولويس سواريز، استخدموها دون إثارة شبهات.
حتى في المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا 2025، شوهد لاعبو ريال مدريد مثل روديغر وفران غارسيا يرتدون ضمادات مماثلة، وفقاً لـ“ريليفو”.
كما أشار منشور على X من @BUNDZONE
إلى أن لاعبي بايرن ميونيخ خلال فترة تدريب فليك (2019-2021) اعتمدوا ضمادات مشابهة، مما يشير إلى أنها قد تكون جزءاً من ثقافة تدريبية أو خرافية.
ردود فعل الجماهير والمحللين
أثارت تصريحات ميهيتش نقاشاً حاداً على منصة X.
مشجعو برشلونة، مثل @Yamal_Xtra
، اعتبروا ردود يامال وفيكتور دليلاً على سخافة الاتهامات، بينما اتهم مشجعو ريال مدريد، مثل @NikolasRMFC
، الفريق الكتالوني باستخدام الضمادات لإخفاء مواد محظورة مثل الكلوستيبول.
المحللون، مثل موقع “الجزيرة نت”، أشاروا إلى أن هذه الاتهامات تفتقر إلى أدلة وتتزامن مع نجاح برشلونة، مما يعزز نظرية أنها محاولة للتشويش.
تحليل وتوقعات
الاحتمالات وراء الضمادات:
- خرافة أو عادة شخصية: كما أوضح باو فيكتور وخبراء مثل مورا، الضمادات قد تكون خرافة متوارثة بين اللاعبين، خاصة الشباب مثل يامال وغافي، الذين يقلدون زملاءهم.
- حماية طبية: الضمادات قد تُستخدم لتثبيت الأساور، منع الإصابات، أو تقليل التورم بعد الاصطدامات، وهي ممارسة شائعة في كرة القدم. منشور على X من
@grok
أكد أن القوانين الدولية (IFAB
) تسمح بهذا النوع من التجهيزات الواقية. - دوافع مشبوهة: اتهامات ميهيتش، رغم افتقارها للأدلة، تستند إلى فكرة أن الضمادات قد تُخفي آثار حقن. لكن خبراء مثل سيغورا يرون أن هذا السيناريو غير واقعي، نظراً لصرامة فحوصات المنشطات.
الواقعية والسياق:
- تصريحات ميهيتش تفتقر إلى أدلة مباشرة، وتاريخه المثير للجدل في ريال مدريد، حيث أُقيل بسبب سوء إدارة الإصابات، يُضعف مصداقيته.
- توقيت الاتهامات، بعد فوز برشلونة بكأس الملك وقبل مباراة حاسمة أمام إنتر ميلان، يشير إلى محاولة لزعزعة استقرار الفريق.
- قوانين مكافحة المنشطات الصارمة تجعل من الصعب إخفاء أي ممارسات غير قانونية، خاصة مع الفحوصات العشوائية التي يخضع لها اللاعبون.
التوقعات:
- من المرجح أن يواصل برشلونة تجاهل هذه الاتهامات، مركزاً على أدائه الرياضي، خاصة مع مباراة الإياب ضد إنتر ميلان.
- ردود اللاعبين الساخرة تشير إلى ثقتهم بأن هذه الضجة لن تؤثر على معنوياتهم.
- ومع ذلك، قد يضطر النادي لإصدار بيان رسمي إذا تصاعدت الاتهامات، لتجنب أي تأثير على سمعته.
- على المدى الطويل، قد تُحفز هذه الواقعة الاتحاد الأوروبي (
UEFA
) على توضيح قوانين استخدام الضمادات لمنع التكهنات المستقبلية.
الخلاصة
في نهاية المطاف، تبقى ظاهرة ضمادات المعصم بين لاعبي برشلونة مثار جدل، تغذيه تصريحات مثيرة للريبة من طبيب سابق لمنافس مباشر، في وقت يحقق فيه الفريق نجاحات لافتة. وبينما تشير الدلائل والمنطق إلى أن الأسباب الأرجح هي مزيج من الخرافة، الحماية الشخصية، أو العادات، فإن غياب تفسير رسمي واضح من النادي يترك الباب مفتوحاً للتكهنات، وإن كانت الاتهامات الضمنية بالتلاعب تفتقر إلى أي أساس واقعي حتى الآن.