
الهزيمة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بنتيجة 3-0 أمام أرسنال في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا لم تكن مجرد خسارة رياضية، بل جرس إنذار لفلورنتينو بيريز وإدارة النادي.
المباراة التي أقيمت على ملعب الإمارات كشفت عن ثغرات واضحة في تشكيلة الفريق، سواء على المستوى التكتيكي أو النفسي.
بعد هذا الأداء المخيب، يبدو أن بيريز قد أدرك أخيرًا الحاجة الملحة لإجراء تغييرات جذرية في سوق الانتقالات.
ثلاث صفقات كبرى تتصدر الأولويات: ظهير أيمن، صانع ألعاب، وظهير أيسر.
فما الذي دفع ريال مدريد إلى هذا الوضع؟
وكيف يمكن لهذه الصفقات إنقاذ الموسم؟
دعونا نستعرض التفاصيل.
الهزيمة في لندن: انهيار نفسي وتكتيكي
على ملعب الإمارات، بدا ريال مدريد كظل لنفسه.
الفريق، الذي اعتاد على الهيمنة الأوروبية، ظهر مرتبكًا وفاقدًا للتوازن، خاصة في الشوط الثاني.
كارلو أنشيلوتي، المدرب المخضرم، لم يخفِ خيبة أمله بعد المباراة، مشيرًا إلى أن الفريق كان منظمًا في البداية لكنه انهار نفسيًا وبدنيًا بعد استقبال هدفين من كرات ثابتة.
الدقائق الأخيرة من المباراة كانت بمثابة كابوس، حيث افتقر الفريق إلى رد الفعل الذي اشتهر به في اللحظات الحرجة.
هذه الهزيمة لم تأتِ من فراغ.
خلال الموسم، عانى ريال مدريد من غيابات مؤثرة وتراجع في أداء بعض اللاعبين الأساسيين، إلى جانب قرارات إدارية مثيرة للجدل، مثل التردد في تعزيز الدفاع خلال الميركاتو الشتوي.
النتيجة كانت أداءً باهتًا أمام آرسنال، كشف عن حاجة الفريق الماسة إلى دماء جديدة.
رؤية فلورنتينو بيريز: تحذير سابق وخطط مستقبلية
منذ فوز ريال مدريد بلقب كأس الإنتركونتيننتال، كان فلورنتينو بيريز واضحًا في تصريحاته: تكرار النجاحات السابقة ليس بالأمر السهل.
لقد أشار إلى أن بناء فريق قوي يتطلب عملاً طويل الأمد، وهو ما يعكس وعيه بالتحديات التي تواجه النادي.
لكن الهزيمة أمام أرسنال سرعت من إدراكه لحجم المشكلة، حيث أصبح من الواضح أن الفريق الحالي يفتقر إلى العمق والجودة في بعض المراكز الحيوية.
بيريز، بالتعاون مع خوسيه أنخيل سانشيز، بدأ منذ فترة في وضع خطط للمستقبل، لكن الصدمة في لندن أكدت أن التغيير لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة.
الإدارة حددت ثلاثة احتياجات رئيسية لإعادة الفريق إلى مسار الانتصارات: ظهير أيمن مميز، صانع ألعاب مبدع، وظهير أيسر موثوق.
الصفقات المستهدفة: ثلاثية لإنقاذ ريال مدريد
ترينت ألكسندر-أرنولد: الجناح الأيمن المثالي
مركز الظهير الأيمن أصبح نقطة ضعف واضحة في ريال مدريد، خاصة مع إصابات داني كارفاخال المتكررة وتراجع مستوى لوكاس فاسكيز.
ترينت ألكسندر-أرنولد، نجم ليفربول، يتصدر قائمة الأهداف بفضل مهاراته الهجومية الاستثنائية وقدرته على تقديم تمريرات حاسمة.
اللاعب الإنجليزي، الذي ينتهي عقده في يونيو 2025، يُعتبر صفقة استراتيجية يمكن أن تحل أزمة الجبهة اليمنى وتضيف بعدًا جديدًا لأسلوب لعب الفريق.
فلوريان فيرتز: صانع الألعاب المبدع
خط الوسط في ريال مدريد يحتاج إلى لاعب يمتلك الرؤية والإبداع لربط الخطوط وصناعة الفارق في المباريات الكبرى.
فلوريان فيرتز، نجم باير ليفركوزن، يُعد الخيار الأمثل لهذا الدور.
اللاعب الألماني البالغ من العمر 21 عامًا يتميز بقدرته على حمل الكرة، التحكم في إيقاع المباراة، وتقديم تمريرات دقيقة.
ضمه سيكون بمثابة استثمار طويل الأمد، خاصة مع رحيل توني كروس الذي ترك فراغًا كبيرًا في هذا المركز.
ظهير أيسر موثوق: إكمال المنظومة الدفاعية
على الجهة اليسرى، يعاني ريال مدريد من عدم الاستقرار بسبب إصابات فيرلاند ميندي وتراجع مستوى ديفيد ألابا، إلى جانب عدم ثقة أنشيلوتي الكاملة في فران غارسيا.
الإدارة تبحث عن ظهير أيسر يجمع بين الصلابة الدفاعية والمساهمة الهجومية لدعم التوازن العام للفريق.
أسماء مثل ألفونسو ديفيز من بايرن ميونخ كانت مطروحة في وقت سابق، لكن النادي قد يبحث عن خيارات أخرى تناسب ميزانيته وتطلعاته.
تحديات تحقيق الصفقات
رغم وضوح الرؤية، فإن تحقيق هذه الصفقات لن يكون سهلاً.
ألكسندر-أرنولد يجذب اهتمام أندية أخرى، وقد يفضل البقاء في الدوري الإنجليزي إذا جدد عقده مع ليفربول.
أما فيرتز، فتكلفته المالية مرتفعة للغاية، وقد يواجه ريال مدريد منافسة شرسة من أندية مثل مانشستر سيتي وبايرن ميونخ.
بالنسبة للظهير الأيسر، فإن اختيار لاعب يتماشى مع متطلبات أنشيلوتي قد يتطلب بحثًا دقيقًا، خاصة إذا قرر النادي تجنب الصفقات الباهظة.
إضافة إلى ذلك، يواجه بيريز ضغوطًا داخلية من الجماهير والإعلام، الذين يطالبون برد فعل سريع بعد سلسلة النتائج المخيبة هذا الموسم.
قراراته في السابق، مثل عدم التعاقد مع مدافعين في الميركاتو الشتوي، أثارت انتقادات حادة، مما يجعل نجاح هذه الصفقات حاسمًا لاستعادة ثقة الجماهير.
مباراة الإياب: اختبار حاسم
قبل التفكير في الصيف المقبل، يواجه ريال مدريد تحديًا فوريًا في مباراة الإياب ضد أرسنال على ملعب سانتياجو برنابيو.
قلب تأخر بثلاثة أهداف يتطلب أداءً استثنائيًا، لكن الأداء في لندن يثير شكوكًا حول قدرة الفريق الحالي على تحقيق ذلك.
أنشيلوتي مطالب بإيجاد حلول تكتيكية عاجلة، بينما يتحمل بيريز مسؤولية دعم الفريق معنويًا وإداريًا لتجنب خروج مبكر من دوري الأبطال.
خاتمة
الهزيمة أمام أرسنال كانت بمثابة صفعة قوية لريال مدريد، لكنها قد تكون الدافع الذي يحتاجه فلورنتينو بيريز لإطلاق ثورة في سوق الانتقالات.
ترينت ألكسندر-أرنولد، فلوريان فيرتز، وظهير أيسر موثوق هما المفاتيح المحتملة لإعادة الفريق إلى القمة.
لكن نجاح هذه الخطة يعتمد على سرعة اتخاذ القرار ودقة التنفيذ.
في النهاية، يبقى السؤال: هل يستطيع بيريز تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لبناء ريال مدريد جديد يستعيد أمجاده؟
مباراة الإياب والصيف المقبل سيحملان الإجابة.