قصة العراقي يونس البحري الذي عمل مفتي نهارا وراقص ليلا

عاش حياة حافلة مليئة بالمغامرات والأحداث التي تكاد لا تصدق، بين الصحافة وتأليف الكتب وصداقة الملوك، والسفر والترحال بين دول العالم. والزواج من 290 امرأة وحظي بـ 1000حفيد ومن واعظ تقي وعالم في الصباح إلى حياة العبث والرقص في الملاهي في الليل، فما هي قصة هذا الرجل الذي عاش حياته بالطول والعرض؟ سأحكي لكم في التالي:

ولادته ونشأته

اسمه الحقيقي هو “يونس صالح اغا الجبوري” اشتهر باسم “يونس بحري” ولد في الموصل عام 1900وكان والده يعمل في الجيش العثماني، ينقل البريد بين العاصمة اسطنبول وولاية الموصل، نشأ يونس بحري في الموصل، ويقال انه كان صبيا ذكيا وشقيا لا يمكن السيطرة عليه أبدا.

فكان قارئا نهماً وباستطاعته ترديد فقرة كاملة دون نقصان وهو يسمعها لأول مرة.درس في مدارس الموصل، وتخرج في ثانويتها المركزية الشهيرة، وكان في أيام العطل يعمل موزعا لجريدة “الموصل”، كما عمل موزعا للطعام الذي يتبرع به الأثرياء للجياع، أيام المجاعة الكبرى التي اجتاحت الموصل في الحرب العالمية الأولى.

بالإضافة للغة العربية، أجاد يونس بحري اللغتين الكردية والتركمانية، بحكم تنقلاته مع أخيه في عدة مناطق عراقية ووصل به الأمر إلى إجادة 17 لغة.

حياته الخاصة الغريبة !

تزوج بحري لأول مرة من امرأة موصلية وأنجب منها ولدين وبنت، وعام 1923 انطلق يونس في أول رحلة حول العالم، دون أن يحمل معه أي نقود ، وترك يونس بحري زوجته وأطفاله وراءه، فكانت محطته الأولى إيران، وعاش فيها فترة، وهناك تزوج من سيدة تدعى “شهرزاد”، وطلقها بعد فترة، وقرر السفر إلى تركمانستان، ثم أفغانستان والهند وصولا الى الشرق الاقصى، فزار إندونيسيا ثم الصين واليابان.
وعمل مفتيا لدولة اندونيسيا سافر “يونس بحري” بعد ذلك إلى الولايات المتحدة وكندا، ثم عبر المحيط ووصل أوروبا، وفي كل دولة او مدينة يقيم فيها، كان يونس بحري يتزوج امرأة لفترة قصيرة ثم يطلّقها، حتى قال إنه تزوج 90 امرأة زواجًا شرعيًّا، وأكثر من 200 زواجا مدنيا، وأنجب 365 ذكراً، ولا يعلم عدد الإناث، ويقول إن عنده أكثر من 1000 حفيد.

مفتي في النهار وعابث في الليل

وتذكر بعض المصادر قصة له وهو في منصب المفتي في دولة الكويت أن جاءه أحد السكان المسنين وبصحبته فتاة جميلة، طالبا منه عقد قرانه عليها، لكن يونس بحري أعجب بها، وقال للرجل المسن إنه لا يجوز شرعا للرجل الطاعن في السن الاقتران بفتاة أصغر منه، فصدقه الرجل لكونه مفتيا فترك الفتاة، وتزوجها يونس بحري بعد ذلك.

والغريب أن يونس كان يعمل مفتياً في النهار ولحبه للرقص كان يعمل راقصاً في ملهى ليلي في المساء، وقد فعل الشيء نفسه حين كان في باريس، في العشرينات حيث عاش قرب مسجد صغير.
وكان إلى جانب المسجد، مطعم مغربي، وملهى ليلي، كان يونس بحري يؤذن للصلوات الخمس في المسجد، ويتولى الإمامة بالمصلين عند الحاجة، وفي الليل كان يرأس تخت الموسيقى في الملهى، فيعزف على العود ويغني الأدوار التي يجيدها ولا يتأخر عن المشاركة بالرقص.

وتوالت نجاحات يونس بحري في إقامة الصلات الهامة، حتى أنه نسج صداقة مع الفريق “بكر صدقي” وهو ضابط عراقي نفذ أول انقلاب عسكري في تاريخ الدول العربية بعد انسحاب العثمانيين.

نهاية مؤلمة

قضى يونس بحري ما تبقى من عمره في بيت أحد أصدقائه، وبعد أن كان صديقاً للقادة والرؤساء، مات في بغداد معدماً فقيرا وحيداً، لم يجد من يدفنه، ودفنته أمانة العاصمة، بمقبرة الغزالي في مارس عام 1979، تاركاً خلفه الكثير من المؤلفات والمقالات الصحفية.

Exit mobile version