ثقافة ومعلومات

قصة حفيد هارون الرشيد الذي تولى الخلافة يوما واحدا

إذا كان أشد قومه أدبا فما بال حكمه لم يزد عن يوم واحد ! نعم .. لقد كان صاحب أقصر مدة حكم بالتاريخ الإسلامي؟
فكيف تولي ولماذا خرج بتلك السرعة المذهلة ؟

هل تصدق أن حاكما تولى الحكم يوما واحدا ليغادره نهائيا إلى غير رجعة؟ إنه عبد الله ابن الخليفة المعتز بالله الذي يعد واحدا من أشهر الحكام لكونه صاحب أقصر مدة لتولي أهم المناصب.
وقد عرف عبد الله بن المعتز في الدولة العباسية بأنه لم يكن شخصية عادية فهو بين قومه الأشد علما بالدين، أما الأدب فكان ميدانه الأرحب يحلق فيه كما شاء بالأشعار والكتابة.

حفيد هارون الذي لم يرث سياسته

جده الحاكم الأشهر هارون الرشيد ، وكان السبب الأقوى لصيته وشهرته بين الناس هو علمه الواسع، لكن الرجل لم يكن لديه القدر الكافي من الإلمام بأمور الحكم ودهاليز السلطة وتدابيرها.
فقد عرف العلماء عبد الله ابن الخليفة المعتز بالله بأنه العالم الألمعي الذي كان عبقري زمانه فهو بالنسبة لأهل اللغة لا يقل أهمية عن كبارها وأساطينها وحينما كانت مسائل النطق والنحو تستعصي على الأعراب كانوا يطرقون داره يسألونه عن قواعد العربية الفصحى ، فيبهر أهل النحو واللغة بما لم تصل إليه أياديهم من القواعد والمصطلحات اللغوية.

قدرة غير مسبوقة على الاستنباط

المجالس والندوات لدى عبد الله ابن الخليفة المعتز بالله كانت فرصة عظيمة لطلاب العلم وبابا لترويج المواد العلمية النادرة، لأن الرجل كان محيطا بكثير من العلوم والمعارف النادرة ، تلك المعارف التي هيأت له القدرة على الاستنباط والتحليل. وبدأ الطلاب ينقلون عن مجايليه الكثير من الآراء العلمية التي غابت عن كثيرين من أهل زمانه.

الأدباء لا يصلحون أحيانا

لكن السؤال: هل معنى أن عبد الله ابن الخليفة المعتز بالله، كان بذلك المستوى المتفرد من العبقرية العلمية أنه كان مؤهلا للحكم؟ الجواب تسرده وقائع الأحداث التي انتهت بتوصيف الرجل بأنه كان «خليفة اليوم والليلة».

لأنه بالفعل لم يجلس على كرسي الحكم سوى أربعة وعشرين ساعة كانت نهايتها درامية له ومحبيه الذين طالما فضلوا بقاء
ذلك الرجل في محراب العلم بعيدا عن العمل العام والسلطة.. لكنها الأقدار التي ساقته لمصير محتوم.

مواجهة مع جنود المقتدر

أحكم جنود المقتدر العباسي الذي كان يعد المنافس الأبرز لعبد الله ابن الخليفة المعتز بالله قبضتهم حول القصر، وهنا دقت ساعة الأجل المحتوم.. حيث قرر المقتدر العباسي إنهاء حكم بن المعتز إلى الأبد وبالسيطرة على مداخل القصر ومخارجه صدق ظن أهل الأدب، والشعر بأن الرجل كان على علم وفير باللغة ، لكنه بعيد تماما عن العمل السياسي وأسراره وألاعيبه التي لم يكن يجيدها .

وانتهت بالفعل حياة الرجل وحياة من معه من مساعديه بعد أربعة وعشرين ساعة من جلوسه على العرش ليكون بوصف المؤرخين فعلا خليفة اليوم والليلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى