مالا تعرفه عن الشاعر بشار بن برد الشاعر الجرئ الشتام

ولد فاقدا للبصر وحيِّرت بصريته المبصرين فكان شيخا لشعراء زمانه، أبهرهم نظمه وسلب ألبابهم فقلما وصل إلى مستواه شاعر أو استطاع رجل مجاراته في زمانه.. فماذا فعل بشار وإلى أي وجهة أوصله شعره؟

إنه الشاعر العربي «بشار بن برد».. اسمه بالكامل «بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي. عاش في ظل الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية.

لم يسلم إنسان من لسان بشار بن برد قريبا كان أم بعيدا، حتى أن الناس كانوا يتهيبون شعره، وتردد أنه كان فارسي الأصل؛ لذلك كان الفرس لهم عنده أفضلية عن العرب . ومن اوصافه انه كان دميم الوجه ضحم الجسم جاحظ العينين قبيحهما ، حتى انه كان يضرب المثل بعينيه في القبح فيقال كعين بشار بن برد، وكان جريئا شتاما ، يمدح الخلفاء ليحصل على الاموال فإذا منعوه هجاهم .
ورغم ذلك كان أشعر أهل زمانه بشهادة الجاحظ وكل من عاصروه أو اتوا بعده ويقال أنه كتب 12 ألف قصيدة .

 أشعار كتبها الشيطان

لم تخل حياة بن برد من تناقضات ربما ميزت اسمه بين فحول الشعراء وكبرائهم بل ولدى أهل المجون حتى تردد أن أشعاره ربما كتبها له شيطان.. وأمام تلك القصائد الجامحة، وصل أمر بشار إلى الخليفة المهدي الذي كال له الوعيد.

لم ينل بشار بن برد من أهل زمانه معاملة لينة رغم ولادته فاقدا البصر.. فطالما طالتهم لدغات لسانه الذي طال سمعة الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي وأهل بيته.. وحينما شوه بشار صورة الوزير الأول للخليفة قرر الوزير إبلاغه رسميا ووجه إليه اتهامات بالسب والزندقة.

بشار الحكيم العاشق

برغم قسوة بشار وحدة لسانه في وصف من هجاهم إلا أن شعره فاض كثير منه بالحكمة؛ فهو القائل:
يَعيشُ المَرءُ ما اِستَحيا بِخَيرٍ
وَيَبقى العودُ ما بَقِيَ اللِحاءُ

ومع حدة طباعه سيطرت العاطفة على قلب بشار بن برد وعقله فقال في محبوبته:
ما كنت أول مشغوف بجارية… يلقى بلقيانها روحًا وريحانا
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة.. والأذن تعشق قبل العين أحيانا

الخليفة يبحث عن مخرج

قيل إن الخليفة أراد أن يجد المسوغ القانوني لإنهاء حياة بشار فأنشأ ديوانا بشأن الزندقة وأظهر شدة حرصه على الأخلاق بمنع التغزل في الجميلات وكان يعلم أن لبشار لسانا سيقوده إلى العقاب وأصدر الأمر بإنهاء حياة بشار.
وفور دخول حرس الخليفة منزل بشار بعد إنهاء حياته، لتنفيذ الأوامر الصادرة بتفتيش منزل بشار – وياليتهم ما فتشوه – حيث عثروا على الصحيفة المفعمة بكلمات مؤثرة والتي ما أن وصلت إلى يد الخليفة حتى ندم حيث لا ينفع الندم.

 الشاعر أبكى الخليفة

فتح الخليفة الصحيفة وما أن وقعت عيناه على ما تركه بشار حتى دخل في حالة نفسية صعبة وانهمرت الدموع من عينيه دون أن يراعي مكانته وهيبته باعتباره قائدا بين حرسه وجنوده.

وجد الخليفة الصحيفة التي تم العثور عليها في منزل بشار بن برد وقد كتب فيها: « إني أردت هجاء آل سليمان بن علي لكني ذكرت قرابتهم من رسول الله فأمسكت عنهم إجلالاً لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ».

Exit mobile version