لاشك أن ما يطرح السؤال عن كم مرة أقول حسبي الله ونعم الوكيل في من ظلمني ؟، هو أنه أحد الأدعية والأذكار التي تهم المظلومين، الذين أكلت نيران القهر والظلم قلوبهم وأحرقهم لهيبها، خاصة وأن كثيرين يرددون دعاء حسبي الله ونعم الوكيل في أشد الأوقات وأصعب المعاناة باعتباره من الأدعية على الظالم، ولعل هذا ما يزيد أهمية معرفة كم مرة أقول حسبي الله ونعم الوكيل في من ظلمني ؟.
كم مرة أقول حسبي الله ونعم الوكيل
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن كبار المشايخ نصحوا بترديد «حسبنا الله ونعم الوكيل» أربع مائة وخمسين مرة.
وأوضح «جمعة» في إجابته عن سؤال : ( كم مرة اقول حسبي الله ونعم الوكيل في من ظلمني ؟) ، أنه نصحنا مشايخنا بقول «حسبنا الله ونعم الوكيل» 450 مرة ، لأن هذه المقولة هي دعاء وذكر ووقاية من كل شر وفيها الخير الكثير، كما أنها من أعظم الأدعية الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة، كما أن هذا الدعاء «حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ» يمكن أن يقال في مواجهة المسلم الظالم، كما يمكن أن يلجأ إليه المهموم أو المكروب أو الخائف.
وأضاف أنه وردت مشروعية هذا الدعاء في القرآن الكريم في حكاية الله عز وجل عن الصحابة الكرام في أعقاب معركة أُحُد، في «حمراء الأسد»، وذلك حين خوَّفهم بعضُ المنافقين بأن أهل مكة جمعوا لهم الجموع التي لا تهزم، وأخذوا يثبِّطون عزائمهم، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بوعد الله، وتمسكا بالحق الذي هم عليه، فقالوا في جواب جميع هذه المعركة النفسية العظيمة: «حسبنا الله ونعم الوكيل».
واستشهد بقول الله عز وجل: «الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ . الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ» آل عمران/172-174.
وأشار إلى أنه ورد في صحيح البخاري رحمه الله (رقم/4563) أن تلك الكلمة كانت على لسان أولي العزم من الرسل، قالها إبراهيم عليه السلام في أعظم محنة ابتلي بها حين ألقي في النار، وقالها سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة المشركين في “حمراء الأسد”. عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ: قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِي فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا: «إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ».
ونوه بأن معنى هذا الدعاء «يا من ظلمتني فالله تعالى حسبي، وسيكفيني، وسؤكله ليأخذ حقي منك، ويقول العلماء إن معنى: حسبنا الله: أي الله كافينا، فالحسب هو الكافي أو الكفاية، والمسلم يؤمن بأن الله عز وجل بقدرته وعظمته وجلاله يكفي العبد من كل ما أهمه وأصابه، ويرد عنه بعظيم حوله كل خطر يخافه، وكل عدو يسعى في النيل منه، وأما معنى: (نعم الوكيل)، أي: أمدح من هو قيِّم على أمورنا، وقائم على مصالحنا، وكفيل بنا، وهو الله عز وجل، فهو أفضل وكيل؛ لأن من توكل على الله كفاه، ومن التجأ إليه سبحانه بصدق لم يخب ظنه ولا رجاؤه، وهو عز وجل أعظم من يستحق الثناء والحمد والشكر لذلك.
حكم قول حسبي الله ونعم الوكيل
وأفادت دار الإفتاء المصرية ، بأن كلمة “حسبنا الله ونعم الوكيل” تقال عند الشدائد، وهي من أقوال المؤمنين المتمسكين بالله والناشدين لنصر الله، وَبَيَّنَ أن من يتمسك بهذه الكلمة فهو من الناجين بفضل الله ونعمته.
واستشهدت ” الإفتاء” في إجابتها عن سؤال:( ما حكم قول حسبي الله ونعم الوكيل ؟، حيث وقع عليّ ظلم، فقلت: “حسبي الله ونعم الوكيل” أمام بعض زملائي في العمل. فهل تعتبر هذه الكلمة غير لائقة في هذه الحالة؟)، بقول الحق تبارك وتعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)﴾ من سورة آل عمران.
ولفتت إلى أنه بَيَّنَ الحق تبارك وتعالى في هاتين الآيتين أن كلمة “حسبنا الله ونعم الوكيل” تقال عند الشدائد، وهي من أقوال المؤمنين المتمسكين بالله والناشدين لنصر الله، وَبَيَّنَ أن من يتمسك بهذه الكلمة فهو من الناجين بفضل الله ونعمته، وعليه: فلا تعتبر هذه الكلمة من الكلمات غير اللائقة، بل هي في محلها عند وقوع الظلم.
حديث عن حسبي الله ونعم الوكيل
ورد حديث عن حسبي الله ونعم الوكيل ، فيما رواه أبو الضحى مسلم بن صبيح وحدثه البخاري في صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 4564 ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قالَ: كانَ آخِرَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ: حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ.
وروي عبدالله بن عباس وحدثه البخاري في صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 4563 ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ، قالَهَا إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ، وقالَهَا مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حِينَ قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173].
وورد أن مِن صِدقِ الإيمانِ أنْ يَتيقَّنَ المؤمنُ أنَّ اللهَ هوَ كافِيه ما أهمَّه وألَمَّ بِه، وأنَّه نِعْمَ الكافي لِذلكَ، ويَتمثَّلُ هذا في القَولِ بِصِدقٍ: حَسبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكيلُ؛ فهوَ حَسبُنا وكافينا ونِعمَ المَولى ونِعمَ النَّصيرُ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما أنَّ كلمةَ: «حَسبُنا اللَّهُ ونِعمَ الوَكيلُ» -ومعناها: أنَّ اللهَ هوَ الكافي في الشُّؤونِ كُلِّها؛ فَما مِن سُوءٍ إلَّا هو قادرٌ على أنْ يُبعِدَه، وَما مِن خَيرٍ إلَّا هوَ قادرٌ أنْ يُقرِّبَه- قد قالها إبراهيمُ عليه السَّلامُ عِندَما رَماهُ قَومُه في النَّارِ بعْدَ أنْ حَطَّمَ أصنامَهُم، فَكانتِ النَّارُ بَردًا وسَلامًا عليه.
و قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 68، 69]، وقالَها مُحمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173].
وَكانَ ذَلكَ عَقِبَ غَزوَةِ أُحدٍ؛ حَيثُ قيلَ: إنَّ المُشركينَ سَيَرجِعونَ إليكُم لِيُكمِلوا حَربَهُم، فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حَسبُنا اللهُ ونِعمَ الوَكيلُ، فَكفاهُ اللهُ ذَلكَ؛ فمَنِ انتَصَرَ بِاللهِ نَصَرَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ، ومَن تَوكَّلَ على اللهِ فهوَ حَسبُه، وفي الحَديثِ: أهميَّةُ التَّوكُّلِ الصَّادقِ على اللهِ تعالَى، وحُسنِ اللُّجوءِ إليه وأنَّ فيه النَّجاةَ.
قول حسبي الله ونعم الوكيل
بين الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، أن دعاء المسلم على الإنسان الذي ظلمه بقول: «حسبي الله ونعم الوكيل» ليس حراماً، مشيرًا إلى أن الشخص إذا دعا بها على آخر ولم يكن ظالماً له؛ لا شيء عليه وتحسب من سبيل الذكر.
واستطرد: أما إذا كان الشخص الذي دعا عليه قد ظلمه بالفعل؛ فالله – سبحانه وتعالى- يقص له مما ظلمه أو يعفو عنه لما قد يعلمه عنده من نية حسنة أو حسن خاتمة.
ونصح « عاشور» من يقولها بعدم تسمية من ظلمه في دعائه؛ فيذكر القول مجرداً وذلك كما في قوله – تعالى-: « الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ»، (سورة آل عمران: الآية 173)، منوهًا بأن معنى قوله « حسبنا الله» أي: الله كافينا، و «نعم الوكيل» تعني: وكلناه فى جميع أمورنا، مختتماً أنه لا بأس فى تكرارها مع تجريدها من اسم من ظلم.
فيما نوه الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن هناك إعتقادًا خاطئًا لدى الكثير فى مقولة حسبي الله ونعم الوكيل، وهى ان البعض عندما يظلمه أحد يردد قول حسبي الله ونعم الوكيل ظناً منه أنه يدعو على ن ظلمه، ولكن معنى قول حسبي الله ونعم الوكيل هى انك سلمت أمرك لله تعالى وتطلب منه العون والعطاء.
وواصل : من كان مظلوماً فلا مانع ان يردد قول “حسبي الله ونعم الوكيل” وهذا يعني انك سلمت امرك لله تعالى وطالب العون والعطاء العظيم من الله عز وجل وليس معناه ان ينتقم لك منهم، والأفضل ان تدعو لنفسك بدلاً من ان تدعو عليه، حيث إن حسبي الله ونعم الوكيل ليس دعاء ولكنه خروج من حولي وقوتي وقدرتي ودخولي في حمى حول الله وقدرته وقوته وتفويض مني لله أن يسترد لي حقي أو ينصرني أو يفرج عني ما أنا فيه أو يحميني من الضرر متوقع إنه يقع عليا.