مفاجأة جديدة بشأن ملف سد النهضة

المخابرات المصرية أمام سد النهضة.. بدء إجراءات «التنسيق النوعي» مع السودان، مسؤولان كبيران يلتقيان في الخرطوم، جولات مكوكية تباشرها الجهات المصرية كافة، من الجهات المعنية بملف سد النهضة وعلى رأسها جهاز سيادي كبير يضع يده من البداية على جميع معطيات وتوجهات التحرك الإثيوبي في أفريقيا.

عشر سنوات مرَّت كانت نتائجها عِجافا بالنسبة للمفاوضات المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي. حيث قدَّمت دولتا المصبِ وهما مصر والسودان خلال تلك الفترة. قدَّمتا حُسْن النيَّة، على احتمالات التراجع الإثيوبي المحتمل التي أيدها واقع الأحداث على الأرض.

مِراراً جدَّدت كل من مصر والسودان التأكيد على أنهما لا يعارضان حق الدول الأفريقية كافة في التنمية. بل إن مصر ذاتها هي التي قدمت الدعم لمشروعات متماثلة في أهداف سد النهضة في القارة الأفريقية، ومنها المساهمة في إنشاء سد تنزانيا.

أمام الموقف الإثيوبي الذي شابه التأجيل تارة وعدم الوضوح تارة أخرى كانت مصر ترقب التحرك الإثيوبي بعين الحذر، وأصرَّت القاهرة على الحفاظ على ما تبقى من رصيد الدبلوماسية في التعامل مع الأزمة التي تمثل لها «مسألة وجودية» لا تقبل الموائمة أو المساومة.

ظلت جهود الجهات السيادية في مصر والسودان قائمة بشأن ملف سد النهضة، ورأت القاهرة أن الحفاظ على الأمن القومي السوداني ووحدة الأشقاء معيار المواجهة الرئيس في حل الأزمة. وذلك استناداً إلى أن الحقوق المائية قضية مشتركة بين دولتي المصب.

في ذات اللحظة التي كانت إثيوبيا تشارك في المفاوضات المتعلقة بملف سد النهضة، كانت هي ذاتها التي تباشر عمليات البناء وتخطط لعمليات ملء السد.

منذ أيام أخذت التحركات المصرية السودانية توجها آخر، بعد أن قررت دولتا المصب توجيه خطاب إلى إثيوبيا بحيث يكون ذلك الخطاب مغايرا للأساليب السابقة في التعامل مع الملف سد النهضة الذي يؤكد الخبراء أن إثيوبيا تتعامل مع بنائه بأسلوب «فرض سياسة الأمر الواقع».

يتأكد التوجه الجديد لكل من القاهرة والخرطوم تلك الزيارة التي أجراها رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل إلى السودان.

استقبال رئيس المخابرات العامة المصرية من قِبَل رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان في القصر الرئاسي، بحضور رئيس المخابرات السودانية الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، هو استقبال يدلل على أهمية الزيارة وما تحمله من ملفات.

تلقى البرهان خلال الزيارة رسالة شفوية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أبلغها إياه رئيس المخابرات العامة المصرية، وكانت الرسالة مفادها «دعم وتطوير وترقية التعاون المشترك بين البلدين».

تحرص مصر على استقرار السودان كأولوية أولى في التعامل مع ملف سد النهضة، وهو ما يفسر تشديد القاهرة على أهمية نجاح الاتفاق الإطاري المتعلق بالتوافق السياسي بين الأطراف كافة في الداخل السوداني.

تطورات ملف سد النهضة الحاضرة في جميع اللقاءات بين المسؤولين السودانيين والمصريين، تنصب على أن «الاتفاق القانوني الملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة» أمر لا جدال فيه حيث لن تسمح القاهرة ولا الخرطوم بالمساس بقطرة ماء من حقوقهما. في سياق إعلاء وتقديم الحقوق التاريخية لشعبي دولتي المصب في نهر النيل.

عام كامل مضى على تجميد المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة، ولا زالت أديس أبابا تتحدث عن موعد بدء عمليات الملء الرابع للسد. دون أدنى اعتبار منها للوضع القانوني الشائك الذي قد يؤدي إلى تداعيات سياسية يصعب عليها حلها مستقبلا.

أديس أبابا أعلنتها صراحة بأنَّها ترفض تقديم «الوصول إلى اتفاق ثلاثي مُلزِم» قبل البدء في عمليات الملء الثالث للسد. ولا زالت دولتا المصب تقدِّمان الحلول الدبلوماسية. لكن تنسيقا مشتركا بين البلدين قد يفرض حلولا جديدة في ظل التنسيق بين مخابرات البلدين.

Exit mobile version