منوعات

من يحمي الفتيات في المغرب من زواج القاصرات؟

في دولة عربية يغيب القانون فتتحول الفتيات إلى مقصد لعديمي الضمائر. وأمام تهرب الآباء من المسؤولية يوافقون على فعل ذلك ببناتهم أمام الناس. ويحاولون الربط بين ما يحدث وبين الظروف الاجتماعية الصعبة.

حينما تجمع الحضارات الإنسانية كافة على قدسية العلاقة الزوجية وإتمامها في إطار شرعي كامل مستوفي الشروط، وتشذ دولة عربية عن تلك القاعدة يحتاج الأمر إلى وقفة جادة. خصوصا وأن الفتيات تحولن إلى ضحايا.

بات زواج القصر في المملكة المغربية الشغل الشاغل للمجتمع المدني والنخب، الذي يعدونه اعتداء على حق المرأة في الحياة وفي زواج سعيد يكونه أب قادر على تحمل المسؤولية وأم مؤهلة صحيا ونفسيا للعطاء. بدلا من التورط في إجراءات تؤدي لاحقا إلى هدم الكيان الأسري وتشريد الأبناء.

لا تكاد الفتاة تتم من عمرها ثمانية عشر عاما في بعض مناطق المغرب؛ حتى تجد نفسها ضحية لزواج غير مكتمل الأركان تحت سمع وبصر الحكومة والجهات ذات الصلة، فيما ينتهي بها المطاف إلى أضرار صحية ربما تودي بحياتها.

الخبراء لا يعتدون كثيرا في مثل تلك الأزمات بالتحركات البرلمانية أو التشريعات التي تحاصر الظاهرة فقط بينما يعولون أكثر على ثقافة ووعي مجتمع لا زال ينظر إلى المرأة باعتبارها مسؤولية صعبة يسعى أولياء الأمور إلى إسنادها إلى غيرهم؛ هربا من النفقات.

مطالب تحديد سن قانونية للزواج في المغرب لم تعد قاصرة على الفتيات بل امتدت أيضًا إلى الشباب. ورغم تلك الدعوات تشير الإحصاءات المغربية إلى أن ستة وعشرين ألف قاصر في ذلك البلد العربي تم تزويجهن في عام واحد.

مطالب النخب والمؤسسات المعنية في المغرب تركز على حتمية الحد تلك الظاهرة، استنادا إلى فشل 99 في المائة من تلك الزيجات التي تخضع إلى ثقافة قاصرة تشجع ذلك النوع من الزواج في أحد مواسم العام.
الخبراء يشيرون أيضا إلى ضعف ثقافة المسؤولية لدى الفتيات في تلك السن الغيرة؛ مما يجعل العلاقة الزوجية ذاتها فكرة محفوفة بالمخاطر حال فشل الزواج وتحقق مصير الطلاق المحتوم.

إنه موسم إملشيل.. الذي يبدأ في المغرب أوائل فصل الخريف من كل عام لإحياء «أسطورة الحب الأبدية»، ويطلق عليه «موسم سيدي أحماد».. وتعود فعاليات إحياء ذلك الموسم إلى عصور قديمة.. حيث يتوافد سكان القبائل إلى تلك المنطقة في ذلك الوقت من العام لبدء فعاليات موسم الخطوبة.

ووفق التراث المغري، فقد تم منع شاب وفتاة من الزواج فديما؛ وذلك لأسباب متعلقة بالانتماءات القبلية؛ قرب منطقة إميلشيل فقرر الشاب والفتاة اللجوء إلى الجبل لندب حظيهما التعيس بسبب رفض القبيلتين زواجهما.

جلس العاشقان وفاضت دموعهما بغزارة حتى كونت الدموع – وفق التراث المغربي – بحيرتان صغيرتان أصبحتا معلما يفد إليهما ملايين الزوار بعد ذلك، ولما أن علمت القبيلتان المتنازعتان بأمر الشاب والفتاة قررتا التصالح وتزويج شباب المنطقة في موسم مخصص للزواج.

ورغم أهمية تلك المناسبة إلا أنها لم تسلم من كونها سببا في زواج القاصرات. ما حدا بوزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي إلى إعلان دعمه للنداءات المطالبة بمنع وتجريم زواج القاصرات.

وإجمالا لن تكون الإجراءات القانونية وحدها ردعا كافيا لمنع ذلك النوع من الزواج، مما يستدعي تضافر جهود المغاربة كافة؛ لنشر الوعي بين أبناء الشعب المغربي بمخاطر ذلك الزواج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى