الدين والحياة

قصة شبث بن ربعي الذي عمل مناديا لمسيلمة الكذاب وحارب مع علي

حارب مع السيدة عائشة في موقعة الجمل، ثم حارب مع عليّ في موقعة صفّين، وتحالف مع الحسن بن علي ضد معاوية، ثم شارك ضد الحسين في كربلاء.. المعني الحرفي للوصولية السياسية

في صدر الإسلام وسنواته الأولى عرفت الدولة الإسلامية الوليدة كثيرا من الشخصيات المثيرة للجدل والمتنقلة بين الأحزاب السياسية، خاصة من أبناء القبائل التي كان لها صيت وتاريخ في الجاهلية من هؤلاء (شبث بن ربعي التميمي)..فهذا الرجل أكل علي كل الموائد وكان من المرتدين ثم حارب مع الفاتحين فما هي قصته ؟ وكيف شارك في إنهاء حياة الحسين بن علي؟

لم تذكر المصادر تاريخاً محدداً لولادة شبث ، أغلب الظن أنه وُلد قبل عدة أعوام من الهجرة إلى يثرب، فهو أبو عبد القدوس، شبث بن ربعي ، من بني حنظلة، وهم فرع من فروع قبيلة بني تميم الشهيرة، والتي لطالما ضُرب بها المثل في القوة والكثرة في الجاهلية .

وجاء أول (ذكر لشبث) في المصادر التاريخية في سياق الحديث عن التفاصيل التي وقعت بعد وفاة الرسول، واستخلاف أبي بكر الصديق، وتحديداً في زمن الحروب المسمّاة بـ”حروب الردة”. ذُكر أن شبثاً كان من بين المقرّبين لكل من سجاح العامرية التي ادّعت النبوة في بني تميم وبني تغلب، ومسيلمة الكذاب الذي ادّعى النبوة في بني حنيفة، ومما يشهد على ذلك أن الأولى اختارته ليكون مؤذّنها.

وأما الثاني لما أراد أن يقلل من بعض التكليفات الدينية المفروضة على قومه، استدعى (شبثاً) وقال له: “ناد في أصحابك أن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد: صلاة العشاء الآخرة وصلاة الفجر”.

بعد نجاح دولة المدينة في القضاء على حركات “الردة”، عمل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب على استثمار الموارد البشرية الهائلة المُمثلة في القبائل العربية التي سبق أن “ارتدّت”، فسمح بانضمامها إلى الجيوش على جبهتَي الشام والعراق.

في خلافة عثمان بن عفان، كان شبث أحد العراقيين الذين نقموا على سياسات الخليفة الثالث المالية والإدارية، ويبدو أنه جاهر برفضه لتسلط الحزب القرشي وهيمنته على مقاليد الحكم، ومن هنا نجده يقود بعض الثوار لحصار عثمان في منزله في المدينة المنورة للإطاحة به.

بدأت علاقة شبث بن ربعي بالخليفة الرابع بشكل عدائي، فعندما أرسل علي بن أبي طالب بعض دعاته إلى الكوفة لحشد الأتباع كان شبث من ضمن المناوئين له.

يذكر سيف بن عمر التميمي (ت. 180هـ)، في كتابه “الفتنة ووقعة الجمل”، أن شبثاً عارض كلّاً من عمار بن ياسر والحسن بن علي لما حاولا أن يجتذبا الناس إلى جيش علي، وحاول أن يحشد العراقيين في جبهة السيدة عائشة، وبعدها قاد مجموعةً من رجال بني حنظلة ضد جيش علي.

الغريب أن أغلبية المصادر التاريخية تؤكد على أن شبثاً تحوّل عقب هزيمته في الجمل، إلى المعسكر العلوي، وبعد رحيل علي بن أبي طالب، بقي شبث في صف الحسن بن علي، إلا أنه اتصل سرّاً بمعاوية. و كان من ضمن النفر الذين أرسل لهم معاوية يحرّضهم ضد الحسن، وأنه وعد كلاً منهم بالمال والمنصب إنْ نجح في مسعاه.

بعد عقد الصُلح بين الحسن ومعاوية، والاتفاق على خلافة ابن أبي سفيان في 41هـ، بقي شبث محافظاً على ولائه لمعاوية.
وكعادته، سرعان ما تغيّر موقف شبث، بعدما اتصل به والي الكوفة عُبيد الله بن زياد، وأغراه بالأموال والهدايا، لنجده يخذل الناس عن مسلم بن عقيل لما قدِم إلى الكوفة لأخذ البيعة للحسين.

هذا الموقف المعادي للحسين تطور في ما بعد، ورغم محاولته التحايل إلا أن يزيد ابن معاوية حرضه للخروج ضد الحسين، فاضطر شبث عندها إلى الخروج إلى كربلاء في ألف فارس ومواجهة الحسين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى