الدين والحياة

فتنة الجمل وتفاصيل مواجهة علي بن أبي طالب ابن عم النبي السيدة عائشة

كانت فتنة كبيرة عندما واجه علي بن أبي طالب ابن عم النبي أم المؤمنين عائشة زوج الرسول في معركة طاحنة. في صباح ذلك اليوم الذي نشبت فيه موقعة الصفين، كلف عليّ فتى من أهل الكوفة، فحمل المصحف ودعا القوم إلى ما فيه، فرشقوه بالنبال رشقا واحدا. فقال عليّ لأصحابه: الآن طاب الضراب، وكانت الموقعة الأولى صدر النهار. وكانت الهزيمة حتى زالت الشمس

 أم المؤمنين على ظهر الجمل

فلما انهزم الناس أقبل المتحمسون من أصحاب طلحة والزبير، فأخرجوا أم المؤمنين من بيتها في المسجد الذي استترت فيه
وأدخلوها هودجًا مصفحًا بالدروع، وحملوها على جملها ذاك، وأشهدوها ميدان الوقيعة.

واجتمع الناس حول أمهم مستقتلين، يكرهون أن تُصاب أم المؤمنين بأذى في بلدهم وهم شهود،وظهر كعب بن ثور قاضي البصرة، بين الصفين، وعلق في عنقه مصحفًا، وجعل يدعو أولئك وهؤلاء إلى كتاب الله.
لكن أصحاب علي رشقوه بالنبل رشقًا واحدًا، واقتتل الفريقان قتالًا شديدًا، حتى كره بعضهم بعضًا، وحتى ملَّ بعضهم بعضًا
وحتى يئس بعضهم من بعض.
وقد كاد أصحاب عائشة أن ينهزموا، ولكن الجمل قائم لا يريم، وعليه هودجه لا يضطرب، وفي الهودج أم المؤمنين تحرض الناس،فتردهم إلى الحماسة والجرأة بعد الخوف والفَرَق.

 الخوف على عائشة

وهم يثبتون حول الجمل لا يريدون انتصارًا ولا يريدون فوزًا، وإنما يريدون أن يحموا أمهم، وما يزال أولئك يستقتلون وهؤلاء يشتدون عليهم، حتى كان لا يأخذ بخطام الجمل أحد إلا قُتِل من دونه، وقد رأى عليّ هذا القتل الذريع.
فصاح بأصحابه: اعقروا الجمل؛ فإن في بقائه فناء العرب، فيهوي إليه رجل من أصحابه بالسيف فيعقره، ويخر الجمل إلى جنبه وله عجيج منكر لم يُسمَع مثله، يتفرق حماة الجمل كما ينتشر الجراد.
ويقبل محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر فيحتملان الهودج وينحيانه ناحية، ويضرب محمد على هودج أخته فسطاطًا
ويأمره عليّ أن ينظر أأصابها مكروه، فيدخل رأسه في الهودج، فتسأله: من أنت؟ فيقول: أبغض أهلك إليك.
فتقول: ابن الخثعمية؟ فيقول: نعم؛ أخوك محمد. ويسألها: أأصابها مكروه؟ فتقول: مِشقص في عضدي.فينتزعه، ويأتي علي مغضبًا.
ولكنه على ذلك متماسك يملك نفسه ويضبطها أشد الضبط، فيضرب الهودج برمحه ويقول: كيف رأيت صنيع الله يا أخت إرم؟!
فتقول: يا ابن أبي طالب، ملكت فأسجح.
فيقول علي: غفر الله لك. وتجيب عائشة: وغفر لك. ثم يأمر عليٌّ محمدَ بن أبي بكر أن يُدخل أخته دارًا من دور البصرة
فيحملها حتى يدخلها دار عبد الله بن خلف الخزاعي، فتقيم فيها أيامًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى