ما أن تحدث الزلازل حتى تثار بشأنها العديد من التأويلات والتحليلات. ولا زال الذين يتصدرون تلك التحليلات والفتاوى بحاجة إلى دعم حصيلتهم العلمية بما يدعم رسوخهم في العلم ويجعلهم مؤهلين إلى إبداء الآراء، فما ينبغي أن يكون الدين وعلومه وسيلة للشهرة أو طريقا للظهور.
وقع الزلزال في تركيا وسوريا وخلف تداعيات ربما يستغرق احتواؤها على المستوى الاقتصادي سنوات.. فيما لجأ البعض إلى تأويلات دينية مفادها، أن الزلزال عقاب وذهب آخرون إلى ضرورة ترديد ما وصفوه «دعاء الزلازل»؛ وزعموا أن زلزالا وقع في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فهل حدث هذا حقا ؟ وإذا كان حدث فماذا فعل الرسول والصحابة في هذا الأمر ؟
ما أن تم ترويج ما يسمى «دعاء الزلزال» حتى بدأ البحث عن مدى وقوع زلزال بالفعل في عهد الرسول.. بينما لم يثبت لدى علماء السيرة النبوية سوى أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد صعد جبل أحد وصعد معه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان.
رجف الجبل وعليه الرسول الكريم وثلاثة من صحابته الكرام فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – «اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق» وأشار إلى أن الشهادة ستكون مصير عمر وعثمان.
هل كان ما حدث في جبل أحد زلزالا
ولكن العلماء لم يعتبروا ارتجاف جبل أحد زلزالا ولم تشر كتب السير إلى وقوع أي زلزال في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أما ما يتم ترديده من أدعية فيشير العلماء إلى أن الدعاء يؤخذ استحبابا في أي وقت وعند حلول أي نازله وللإنسان أن يدعو بالخير وطلب العون من الله بما شاء في أي وقت يشاء.
العلماء يُجمِعون على أن ما يتم ترويجه بشأن وقوع الزلزال الذي لم يحدث أصلا استند إلى روايات يشوبها الضعف.. لكن الثابت علميا وتاريخيا أن زلزالا وقع في عهد عمر بن الخطاب، وكان للفاروق حينئذٍ مع الناس وقفة.
موقف مؤثر من عمر بن الخطاب
ما أن زلزلت الأرض في عهد عمر ابن الخطاب حتى اجتمع الناس ووقف الفاروق فيهم خطيبا وألقى على مسامعهم كلاما مختصر الألفاظ شديد الدلالة لا لبس فيه ولا غموض حيث خطبهم قائلا بالحرف: لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم. وفي رواية أخرى قال الفاروق: لئن عادت لا أساكنكم فيها.
وكانت تلك دلالة قوية في خطبة الفاروق على موقفه من حدوث مخالفات لا يرتضيها إيمانه ونقاء سريرته – رضى الله عنه – ويشير العلماء إلى أن في قوله دليل على كثرة المعاصي أي أنه خشي أن يلحق به نفس جزائهم.
العالم بحاجة إلى مراجعة
الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر يؤكد أن الزلزال الذي وقع في تركيا وسوريا من علامات يوم القيامة، مستندا في ذلك إلى حديث نبوي شريف.. يرحم الله من رحل وشفى الله من بقي بعد زلزال ربما يراجع العالم بعده حساباته بشأن التوحد في مواجهة مثل تلك الأحداث.