ثقافة ومعلومات

قصة القصر الذي بناه صدام حسين ولم يسكن به

هل أراد ان يحكم العالم من فوق تلك الربوة ؟ هل توهم انه يستطيع استعادة مجد نبوخذ نصر وحمورابي والإسكندر الأكبر ، لماذا اختار صدام حسين تلك البقعة تحديدا لبناء قصر فخم ، وما الحكايات التي يحتفظ بها الأهالي عن زيارته الوحيدة للمكان ؟

على ربوة مرتفعة في قلب بابل القديمة يعلو القصر الرئاسي الذي أمر صدام حسين ببنائه ليطل منه على المدينة القديمة التي تعتبر واحدة من أعظم حضارات العالم، مدينة بابل ، مدينة المجد والألغاز والخيال. مدينة الأساطير عن بدايات الخلق والسيطرة على العالم ، فكان الشائع قديما أن من يمتلك تلك المدينة يكون في يده مفاتيح العالم، ما حدا بالاسكندر الأكبر أن يحرص على دخولها .

بدأ بناء هذا القصر في عام 1989 واستغرق الأمر 5 سنوات حتى اكتمل البناء، فهل ذهب إليه صدام وافتتحه وأقام فيه ؟
لم يتمكن صدام من زيارة هذا القصر أو الإقامة فيه ، مرة واحدة زاره أثناء البناء وقبل أن يكتمل، ويقال أن هذه الزيارة كان لها وقع خاص في نفوس الأهالي ، فقد أمر بوليمة كبيرة لمرافقيه وحاشيته يتحاكى بها السكان الذين عاصروها، واستمرت تلك الوليمة تقدم يوميا بعد ذلك .

ويحكى أن صدام في هذه الزيارة أعجبته نخلة في المكان فقرر تعيين عامل لحراسة تلك النخلة ورعايتها .القصر المهيب الذي تكلف ملايين الدينارات يحمل نقوشا تربط بين صدام حسين بوجهه المحفور على الجدران وبين رموز بابل القديمة، وكأنه أراد أن يضع نفسه كجزء من التاريخ العراقي القديم، ولذلك اختار تلك الربوة الذي يقول خبراء أن تحتها يقع قصر نبوخذ نصر ثاني ملوك بابل العظام الذي اشتهر بفتوحاته وانتصاراته وامتداد الحضارة البابلية في عصره لدول كثيرة.

يطل القصر على مدينة بابل الأثرية المسجلة في اليونسكو ضمن التراث الإنساني المادي، والتي خرجت من اليونسكو بسبب تدخلات وتشوهات حدثت للآثار القديمة لكنها عادت مرة أخرى في السنوات الماضية.

تضم بابل تاريخا طويلا من المجد ومن بين رموزها القديمة الملك حمورابي الذي يعتبره الكثيرون صاحب أقدم تشريع في التاريخ ، كما تضم الكثير من الآثار والبيوت الصغيرة والمعابد الأثرية .

القصر الذي بناه صدام كان مكانه نحو 150 منزلا صغيرا، ولم يجرؤ أحد على السؤال أين ذهبت هذه البيوت ؟ وهل تدخل صدام حسين في هيكلة المدينة الأثرية وغيّر من معالمها لصالح مجده الشخصي وحلمه الأسطوري بدخول التاريخ من بوابة بابل ؟
هذا القصر الذي بني بأفضل الخامات وأغلى أنواع الرخام وأشرف عليه أكبر المهندسين وقتها مازال موجودا في بابل ولكن كمكان مهجور لا يسكنه أحد، وكأنه تم تركه هكذا ليكون دليلا على المجد الزائل والأحلام الأسطورية التي كانت تراود صدام حسين، ولكن القدر لم يسعفه فقد دخل حرب الكويت أثناء بناء هذا الصرح ولم يتمكن من السكن فيه أبدا . وبعد سقوط صدام تعرض القصر للنهب والتخريب .

ويبقى السؤال هل استطاع صدام أن يترك بصمته في المدينة التي حكمها نبوخذ نصر وحمورابي و تغزل في جمالها الاسكندر الأكبر .. أم أن هذا القصر لا يعدو أن يكون أثرا بعد عين ودليلا حيا على الملك الزائل ؟
وأنت ما رأيك .. شاركنا بالتعليقات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى